مقالات وابحاث

على الرغم من توافره الا انه الى زوال

على مرّ التاريخ، تأثرت أسواق النفط بكل من تذبذب العرض والطلب وسياسات الطاقة والنزاعات العسكرية والآثار البيئية. وكل ذلك أدى إلى جعل هذه الأسواق معقّدة بمكان وعرضة للتغييرات المتسارعة، الأمر الذي أوجد تفاوتاً بالاهتمام، بين مرحلة وأخرى، بالوقود الحيوي (Biofuel). فمنذ اكتشاف النار، اعتمد الإنسان على الوقود الآتي من الكتل الحيوية (Biomass) بشكله الصلب للتدفئة من جهة ولإعداد الطعام من جهة ثانية.

وبعد اكتشاف الكهرباء، أصبح من الجائز أيضاً استخدام الوقود الحيوي لتوليد الطاقة الكهربائية، إلى أن تم الوقوع على مصادر الوقود الأحفوري (Fossil Fuel) كالنفط والغاز والفحم. وقد أدت هذه المصادر إلى الحد، بشكل ملحوظ، من الاعتماد على الكتل الحيوية كوقود يستعمل في مجالات النقل والتدفئة والطاقة.

مع ذلك، اعتبر الوقود الحيوي منذ ما قبل الحرب الكونية الثانية وما بعدها مصدراً بديلاً استراتيجياً وقيّما للنفط المستورد (في أوروبا والولايات المتحدة وبقيّة الدول المتطورة). فقد قام كل من هنري فورد ورودولف ديزل، قبل الحرب، بتصميم سيارات ومحركات تعمل على الوقود الحيوي الذي وجد أسواقاً في المملكة المتحدة وألمانيا.

ويمكن التذكير باعتماد ألمانيا النازية إبّان تلك الحرب على أساليب مبتكرة، نتيجة النقص الحاد في الإمدادت النفطية، ومنها تشغيل بعض عرباتها بواسطة مزيج من البنزين والكحول الناتجة عن تخمير البطاطس.

وبعدما وضعت الحرب أوزارها، أدّت أسعار نفط الشرق الأوسط المنخفضة إلى تقلّص الاهتمام الاقتصادي بالوقود الحيوي، إلى أن حلت الأزمة الجيوسياسية في الشرق الأوسط في الفترة الممتدة بين سنتي 1973و1979، الأمر الذي دفع بمنظمة أوبك إلى قطع صادراتها النفطية وتعرّض الدول غير المصدّرة إلى نقص حاد في الإمدادات.

أزمة الطاقة تلك قادت إلى تفاقم الطلب على المشتقات النفطية وبالتالي إلى ارتفاع كبير في الأسعار. إزاء ذلك، عادت الحكومات والأكاديميون المختصّون إلى التفكير بالوقود الحيوي. ومع مطلع الألفية الثالثة، ساهمت عوامل عدّة – من ارتفاع أسعار النفط من جديد وبدء العد العكسي لنضوبه والقلق من انبعاث الغازات الدفيئة وتعاظم ظاهرة الاحتباس الحراري – إلى تزايد وتيرة الأبحاث والتطويرات في مجال الوقود الحيوي.

اكتب تعليقك .؟

برجاء ادخال الاسم
برجاء ادخال البريد الالكترونى
برجاء ادخال الرسالة